الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

الايقونة

أيقونة هي تعريب لكلمة يونانية تعني صورة "åêþí "أو شبه، مثال, تصنع وفق أساليب محددة وبالنظر لاعتبارات لاهوتية محددة, بالتزامن مع صلاة الرسام أثناء عملها أيضا, لكي تخدم أغراض العبادة وترتقي بحياة الناظر إليها من الأمور الأرضية للروحية.
لكنها من حيث المعنى الدقيق أبعد أيضا من التصوير فرسم إشارة الصليب هو أيقونة وخلق الله للإنسان على صورته ومثاله هو أيقونة والأفعى النحاسية في العهد القديم أيقونة للسيد في العهد الجديد ومن هنا نجد أن معنى الأيقونة يتجاوز ذلك ليصل إلى حد أن نعتبر العهد القديم برموزه كأيقونة للعهد الجديد فالأيقونة تعني أيضا باليونانية الكتابة المقدسة ومن هنا قد يصادفنا مصطلح كتابة الأيقونة بدلا من رسم الأيقونة. و هنا الأيقونة على حسب القديس يوحنا مكسموفتش تصبح اندماجا بين الرمز والرسم وكلمة أيقونجرافيا أو iconography نجد أنه من مقطعين icon رسم شبه مثال والمقطع التالي هو graphy والتي تأتي من الكلمة اليونانية غرافو والتي تعني يكتب. و تمتد الأيقونة في الفكر اللاهوتي لتعبر عن المرئيات المروحنة أو عن الأشخاص في حالة الغبطة الإلهية، يقول فلاديمير لوسكي عن الأيقونة بأنها (أول درجة من درجات الملكوت) فالأيقونة هي نافذة على الملكوت لذا نجد كثيرا هالات الأشخاص تمتد إلى ما بعد الإطار الداخلي لتوحي لك بأن الشخص المرسوم يطل عليك من نافذة من العالم الآخر وهي لدى يوحنا الدمشقي بدء سلسلة من المراحل الروحية في حياة الشخص.
فرق الله بين استخدام الإيقونات في العبادة الرسمية التى يحددها هو بوصاياه، وبين صنع الإيقونات لعبادة خاصة يراها الإنسان سواء كانت سمائيه او أرضيه. ففي الوقت الذي حرم فيه صنع اى صورة او تمثال بصورة عامه، أمر موسى بصنع تمثالين للشاروبيم... ألخ. وصنع حيه نحاسيه لتكون مصدر الشفاء. وهكذا نستدل ان التماثيل والصور كانت جزءا لا يتجزأ من العبادة الطقسية. كما نستدل ان هناك عاملين أساسين فى الفن الطقسي أعطاهما الله نفسه رعاية وأهميه خاصة: 1. المدلول الروح 2. الإتقان الفني. فمن حيث الإتقان الفني نجد ان الله لا يجيز لأي إنسان غير موهوب او مؤازر بالإلهام الروحي ان يتجرأ على نحت او رسم المقدسات. لان الإتقان الفنى فى المفهوم الروحي هو هبه ونعمه وإلهام. كذلك فالفن التصويري فى عرف الله ليس مجرد ملء فراغ أو تأدية طقس ولكنها ترسم لملئ روح الشعب وتحريك عواطفه وربطها بالعبادة وبالله.

رسم الايقونات:
تُرسم الأيقونات مهيأة بدقة. ويستخدم الرسام خشب السرو والسنديان والزان والكستناء وأكاسيا، شريطة أن يكون خالياً من العقد. يهيئ صفحته بمحلول الصمغ، ثم يلصق على هذا المحلول نسيجاً رقيقاً يتّحد بالخشب اتحاداً وثيقاً. وبعد ذلك يطلي مرات عديدة هذه الصفحة بالطبشور وبمسحوق المرمر الأبيض الممزوج بالصمغ الحيوان. وان هذه الصفحة المطلية بالطبشور، عند الفراغ من تحضيرها، تجفَّف جيداً بورق الزجاج و بخرقة ناعمة. ثم تنقش خطوط الرسم خفيفاً، وتلصق حولها أوراق الذهب.
ثم ينصرف الفنان إلى الرسم، مستخدماً ألواناً صادرة قدر الإمكان من رغوة مسحوق طبيعي ممزوج بصفار البيض، فيسمى ذلك: "التنبير". عند انتهاء الرسم، تُبسط فوقه طبقة من أفخر زيوت الكتان. ثم تُضاف إلى هذا الزيت أصناف من راتنج الأشجار، أي من صمغها المستحلب، كالعنبر الأصفر. وهكذا فإن هذا الطلاء، يشرب الألوان، ويجعل منها مجموعة متجانسة قاسية ثابتة. ومع الأيام، تكسب أكسدة الألوان لوناً معتماً.

للنور شأن خطير في الأيقونة. ولقد تضاء منها عموما المساحات العليا، لأن النور يهبط من العلاء، اذ هو النور السماوي. وفي الوقت نفسه يكون النور خلفية الأيقونة، واذا ما عبرنا بالأوضاع العلمية، نقول أن الخلفية الذهبية في الأيقونة تدعى نورا، وان طريقة الرسم هي "لايضاح التدريجي " فالرسام، وهو يعالج وجها، يغطيه أولا بلون قاتم، ثم يلقي فوقه صبغة أكثر وضوحا، يحصل عليها بإضافته، إلى المزيج السابق، كمية من مسحوق أصفر، أي من نور. وبعد ذلك تتوالى تلك المساحات متراكمة عدة مرات بطريقة أكثر وضوحاً. وهكذا فان ظهور وجه من الوجوه يأتي نتيجة تدرج، هو صورة لنمو الضوء في الإنسان.

لم يهتم القدماء بالتفاصيل المشهدية حول شخص القديس، ذلك لنقل المشاهد من حيز المكان والزمان، بتحرير الأيقونة من ارتباط بالمكان والزمان. فالمهم في الأيقونة هو الشخص والحادثة، أي المعنى الروحي للحادثة التاريخية أكثر من " أين ومتى حدثتا " وبتحرير الحادثة من المكان والزمان، تكتسب مدى لا نهاية له، وتمتد من الماضي إلى المستقبل عبر الحاضر، فلا مجرد تذكر لأشخاص ولأحداث، بل تؤكد وجودهم الفعّال. فالأيقونة ترفع الأشخاص إلى حاضر دائم.

نستمد من الشكل الفيزيولوجي أساس الرسم، ولكن نروحنه ونظهره لا كما كان في شكل جسمه على الأرض، بل الإنسان المتأله تتغير صورته كما غيّر الرب صورة وجهه في ظهوره للتلاميذ بعد القيامة، حيث أظهر مجد البُّشرة وكذلك في حادثة التجلي .اذا، لا نصّوره نقلا عن صورة فوتوغرافية، و وجدت له واحدة منها، كنسخة طبق الأصل.


0 التعليقات:

إرسال تعليق