الاثنين، 1 يوليو 2013

المسيرة نحو الآلام

مسيرة المسيح الأخيرة نحو أورشليم، رحلة مؤثرة جداً لتلاميذه الاثني عشر لأنه حدّثهم عنها “ابتدأ يقول لهم عما سيحدث له” (مر32:10)، ولكن حياة المسيح مع التلاميذ بحد ذاتها رحلة نحو الآلام، ولد في مغارة كإنسان التي أصبحت سلّماً ليصعد على الصليب وبالصليب سينقل الإنسان من الموت إلى الحياة بالقيامة.
يسوع المسيح هو المخلّص
يسوع هو المخلّص الذي أعطى ذاته كي يخلصنا ويشترينا ويحررنا من عبودية الموت، هو بذاته قدم الخلاص على الصليب “الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل اثم ويطهر لنفسه شعبا خاصّا غيورا في اعمال حسنة” (تيط14:2)، من بعد أحداث صلب وقيامة يسوع المسيح لم يعد أيٌّ منا يملك نفسه لأن الله اشتراه ودفع ثمنه “ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وانكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجّدوا الله في اجسادكم وفي ارواحكم التي هي لله” (1كو19:6-20)، كي يحرره “قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدا للناس” (1كو23:7)، والثمن ما هو؟ “عالمين انكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح” (1بط18:1-19) كما يؤكد بطرس الرسول.
يحررنا يسوع المسيح من العبودية للموت ومن مسبب الموت الشيطان، ليس هذا فقط بل أيضاً يعطينا نعمة وزائدة “حسب غنى نعمته” (أف7:1)، وتكون هذه النعمة مجانية بدون أن يقدم الإنسان أي شيء “متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح” (رو24:3)، ولكن ماذا يمكن للإنسان أن يقدم كي ينال الخلاص؟ طبعا لا شيء لأنه نعمة مجانية، أما الأعمال الصالحة التي ينجزها الإنسان فيعبّرون عن علاقة الله المخلص بالإنسان الذي يحب الله وبكل خليقته، بواسطة الأعمال الصالحة، مادام المسيح هو المخلص والضحية لسر الخلاص.
اشترى الإنسان بدمه وأعاده إلى الله “لأنك ذبحت واشتريتنا للّه بدمك” (رؤ9:5)، رغم أن التضحية بدت هزيمة إلا أنها في الحقيقة هي الانتصار الوحيد ضد الموت وقوى الشر التي أسرت لها الإنسان من بعد سقوطه “لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس” (عبر14:2)، لذلك لا يعتبر آلام السيد والمخلص ألم أو ذبح جائر حدث في تاريخ البشرية لكنه السر الكبير لمحبته للبشر.
سر محبة الراعي الصالح ليس فقط أن يضحي من أجل الخراف “الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو11:10) بل يعلّم ما هي المحبة الحقيقية “بهذا قد عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لاجلنا فنحن ينبغي لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة” (1يو16:3)، وإلى أي مدى يمكن أن تصل، لذلك لا يمكن إيجاد محبة أكبر منها “ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه” (يو13:15)، لو كانت محبة السيد لهيب نار لأخصائه “اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى (يو1:13)، عندها ماذا نستطيع أن نقول عن آلامه؟ لننظر اليها وكيف تمت، سنجد المحبة سببها الوحيد تجاه الإنسان “ونكس راسه واسلم الروح” (يو30:19).
كيف نشترك برحلته إلى الآلام؟
لعلنا نشترك كما فعل الأخوان يعقوب ويوحنا بأن نطلب الجلوس عن يمينه ويساره؟ هما لم يعرفا ماذا طلبا، لأنهما لا يدركان ماذا يتطلب الجلوس بجانب المسيح، وكيف أن أي مكان في ملكوت السموات لا يمنح هبة بل يكتسب اكتساب وذلك بالتعب والتصميم وبذل الدم، لعلنا نشترك كيهوذا الذي أسلمه بعد أن جلس معه على المائدة الأخيرة وتناول من يده؟ يعني يمكن للذين يتناولون أن يقعوا بالخطيئة ويسلّموا السيد، أو لعلنا نشترك كبطرس الرسول الذي أنكره بقَسَم رغم أنه اعترف أنه ابن الله؟، كي نشترك بالرحلة يجب أن لا ننكر المسيح وأن لا نسلمه وأن نعرف أن ملكوت السموات يغتصب اغتصاب.
دعونا نتبع المسيح بمسيرة آلامه الخلاصية بصمت وتواضع، مشتركين بمسيرة الكنيسة التي صار لها قرون تقود شعب الله نحو القيامة، الكنيسة هي جسد المسيح ومبارك الذي لا يفقد رجائه وإيمانه به “طوبى لمن لا يعثر فيّ” (مت6:11).


0 التعليقات:

إرسال تعليق